التركيب الغذائي لزيت الزيتون وفوائده الصحية
يُعد زيت الزيتون البكر الممتاز من أكثر الزيوت فائدة للصحة بفضل تركيبته الغنية بالعناصر الحيوية. فهو يحتوي على نسبة عالية من حمض الأولييك، أحد الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة، الذي يساهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) دون التأثير على الكوليسترول الجيد (HDL).
كما يزخر زيت الزيتون بمركبات البوليفينول مثل الأوليوروبين، الهيدروكسيتييروسول، والتيروسول، المعروفة بخصائصها القوية المضادة للأكسدة. تلعب هذه المركبات دورًا أساسيًا في تقليل الالتهابات المزمنة، ودعم صحة الأوعية الدموية، والوقاية من أمراض القلب.
ومن ضمن مكوناته الأخرى المفيدة نذكر فيتامين E، الذي يحمي الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرة، وفيتامين K الضروري لتخثر الدم، بالإضافة إلى السكوالين، وهو مركب يساعد في تعزيز صحة الجلد وتنظيم عمليات الأيض الدهني.
تناول زيت الزيتون على معدة خالية: ماذا يحدث داخل الجسم؟
عند استهلاك زيت الزيتون على معدة فارغة، يتفاعل الجسم بإفراز هرمون الكوليسيستوكينين، الذي يحفز المرارة على إطلاق العصارة الصفراوية اللازمة لهضم الدهون. هذا الإجراء يساعد في تفتيت الدهون وتحسين امتصاصها داخل الأمعاء.
لكن من الجانب الآخر، قد يؤدي تناول الدهون النقية دون أطعمة مصاحبة إلى اضطرابات لدى بعض الأشخاص، مثل الغثيان، الإسهال، أو الشعور بالضغط والانزعاج في منطقة المعدة. يعود السبب إلى أن الجهاز الهضمي يكون أكثر تكيفًا مع معالجة الدهون ضمن مكونات الطعام، لا في شكلها النقي والمركز.
علاوة على ذلك، فإن إدخال كمية كبيرة من الدهون دفعة واحدة يمكن أن يُشكل عبئًا على المرارة والبنكرياس. لذلك، يجب على الأشخاص المصابين بحصوات المرارة توخي الحذر، لأن تحفيز إفراز العصارة الصفراوية قد يؤدي إلى تحرك الحصوات والتسبب في نوبة مؤلمة أو انسداد في القنوات الصفراوية. كما أن مرضى التهاب البنكرياس المزمن، متلازمة القولون العصبي، أو ارتجاع المريء، قد يعانون من تفاقم الأعراض نتيجة هذه العادة.
هل الزيت على الريق مفيد فعلًا؟ نظرة على أكثر الأساطير شيوعًا
العديد من المزاعم المنتشرة على الإنترنت تروج لفوائد مزعومة لتناول زيت الزيتون على معدة فارغة، مثل “تنظيف الكبد” أو “المساعدة على فقدان الوزن”، إلا أن العلم لا يدعم هذه الأقوال.
الكبد عضو ذاتي التنظيف، ويقوم بوظائفه الحيوية بكفاءة من دون الحاجة إلى محفزات غذائية خارجية. كما أن الاعتقاد بأن زيت الزيتون يذيب الدهون في الجسم ويحفز خسارة الوزن هو تضليل شائع، إذ أن الزيت منتج عالي السعرات، والإفراط في استهلاكه قد يؤدي إلى نتائج عكسية وزيادة في الوزن.
وبخصوص امتصاص الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مثل A، D، E، وK، فإن وجود الدهون في الوجبة أمر كافٍ لتعزيز الامتصاص، دون الحاجة لتناول الزيت بمفرده.
ما تقوله الأبحاث والتوصيات الطبية
تدعم منظمات صحية مرموقة، كمنظمة الصحة العالمية والجمعية الأوروبية لأمراض القلب، استخدام الزيوت النباتية غير المشبعة ضمن نظام غذائي متوازن، خصوصًا زيت الزيتون البكر الممتاز. وتُظهر الدراسات أن دمجه ضمن نمط غذائي شبيه بالنظام المتوسطي يعزز صحة القلب ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
للحصول على أفضل فائدة، يُنصح باختيار زيت من نوع Extra Virgin المستخرج بالضغط البارد، بنسبة حموضة لا تتجاوز 0.8%. يُفضل حفظه في عبوات زجاجية داكنة لحمايته من الضوء والحرارة، مع الانتباه إلى طعمه المرّ الخفيف والإحساس بالحَرقة البسيطة في الحلق، وهي علامات على جودة البوليفينولات فيه.
أما عن الجرعة اليومية المثالية، فتقدر بنحو 1.5 ملعقة طعام (20 غرامًا) موزعة على وجبات اليوم. ويمكن استخدامه في السلطات، وأطباق الحبوب، والأسماك، والخضروات، وحتى في الحساء، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في مطبخ صحي ومتوازن.
الزيت ليس سحرًا: أهمية الحذر والتوازن
رغم أن فكرة تناول زيت الزيتون على معدة خالية تحظى بشعبية، خصوصًا بين متابعي اتجاهات التغذية الجديدة أو وصفات المدونين، إلا أن اللجوء إلى حلول سريعة وغير مدروسة قد يُضلل الأفراد ويؤدي إلى عواقب صحية غير مرغوبة.
التحسن الحقيقي في الصحة لا يأتي من “حيلة غذائية” واحدة، بل من نمط حياة متكامل يتضمن توازنًا غذائيًا، نشاطًا بدنيًا منتظمًا، واستماعًا واعيًا إلى إشارات الجسد. المطلوب هو تبنّي رؤية نقدية للمعلومات المنتشرة، وتقييمها ضمن سياق علمي وتجريبي، بدلاً من اتباعها بشكل أعمى.