Table of Contents
شهدت محافظة السويداء السورية، ذات الغالبية الدرزية، حالة من الهدوء النسبي اليوم الأحد، بعد أيام من الاشتباكات العنيفة بين مقاتلين دروز ومسلحين من العشائر البدوية، والتي أسفرت عن مقتل 1120 شخصًا، بحسب إحصائية نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان. وجاء هذا التراجع في وتيرة العنف عقب إعلان انسحاب مسلحي العشائر، وتنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار، بوساطة أمريكية.
اختبار صعب للرئيس الشرع
مثّلت أحداث السويداء تحديًا سياسيًا كبيرًا للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خاصة مع سقوط عدد كبير من الضحايا في فترة وجيزة، وتصاعد التوترات الطائفية. وقد دفعت هذه الأحداث إسرائيل إلى تنفيذ غارات جوية الأسبوع الماضي، مؤكدة دعمها للطائفة الدرزية في سوريا.
ورغم الدعوات لوقف إطلاق النار، استمرت المواجهات حتى يوم أمس السبت، ما زاد من تعقيد المشهد الميداني والأمني في المحافظة الجنوبية.
موقف رسمي ووعود بالمحاسبة
وفي تصريح رسمي، قال وزير الداخلية أنس خطاب اليوم الأحد:
“نجحت قوى الأمن الداخلي في تهدئة الأوضاع ضمن محافظة السويداء بعد انتشارها في المنطقة الشمالية والغربية منها، وتمكنت من إنفاذ وقف إطلاق النار داخل المدينة، تمهيدًا لتبادل الأسرى والعودة التدريجية للاستقرار”.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في وقت متأخر من مساء السبت عن انسحاب عناصر العشائر المسلحة من محيط المدينة.
حصيلة دموية للضحايا
وفقًا للمرصد السوري، توزّعت الحصيلة الثقيلة للضحايا على النحو التالي:
- 427 مقاتلًا درزيًا
- 298 مدنيًا من الطائفة الدرزية، من بينهم 194 “أُعدموا ميدانيًا” على يد عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية.
- 354 من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام
- 21 من أبناء العشائر، بينهم 3 مدنيين أُعدموا ميدانيًا على يد المسلحين الدروز.
كما أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 15 عنصرًا من القوات الحكومية السورية، وفق ما ذكره المرصد.
جذور الصراع وتوترات الهوية
انطلقت شرارة القتال قبل أسبوع من اندلاع الهدوء الحالي، بعد اشتباكات بين مقاتلين دروز وآخرين من العشائر البدوية. وعلى الرغم من تدخل دمشق لاحتواء الموقف، إلا أن قواتها انجرت إلى المواجهات وواجهت اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق السكان الدروز.
سكان السويداء أشاروا إلى أن قوات النظام أطلقت النار من مسافات قريبة على المدنيين في منازلهم أو الشوارع، وتم التعرف عليهم من خلال زيهم العسكري وشاراتهم الرسمية.
في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، وعد الرئيس الشرع في خطاب الخميس بـ”حماية حقوق الدروز ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ضد أهلنا الدروز”، موجهًا أصابع الاتهام إلى “جماعات خارجة عن القانون”.
ورغم الدعم الأمريكي المتجدد للشرع، خصوصًا بعد لقائه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مايو الماضي، فإن هذه الاضطرابات ألقت الضوء على حجم التحديات التي تواجه الرئيس الجديد في توحيد بلد ممزق بعد 14 عامًا من الحرب.
إسرائيل على الخط.. وموقف أمريكي حذر
تدخلت إسرائيل عسكريًا في التصعيد الأخير، عبر شن غارات استهدفت مواقع للقوات الحكومية في السويداء وأيضًا مقر وزارة الدفاع في دمشق.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس أن بلاده ستدافع عن الدروز، مشيرًا إلى سياسة جديدة تطالب بـ”نزع السلاح من منطقة واسعة تمتد من هضبة الجولان إلى جبل الدروز شرق السويداء”.
لكن الولايات المتحدة أوضحت أنها لا تدعم الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، رغم وقوفها السياسي إلى جانب الدروز والرئيس الشرع.
وفي إجراء لاحتواء الأزمة، سمحت إسرائيل بدخول محدود للقوات السورية إلى السويداء لمدة 48 ساعة، وفق ما أعلنه مسؤول إسرائيلي يوم الجمعة.
تعزيزات أمنية وتفتيشات في المحافظة
أفاد مصدر أمني سوري بأن قوات الأمن الداخلي انتشرت في محيط السويداء، وأقامت نقاط تفتيش في الأجزاء الغربية والشرقية من المحافظة، لتأمين المنطقة بعد انسحاب المسلحين.
تطورات في الساحل السوري
وفي تطور متصل، أعلنت الوكالة العربية السورية للأنباء أن الرئيس الشرع تسلم اليوم تقريرًا رسميًا من اللجنة الوطنية المستقلة، المكلفة بالتحقيق في أحداث وقعت في الساحل السوري بداية مارس، والتي أسفرت عن مقتل 1500 شخص من الأقلية العلوية إثر هجمات عنيفة استهدفت قوات الأمن.
وأكدت الرئاسة أنها ستعمل على “فحص التقرير بدقة واتخاذ إجراءات حاسمة لضمان العدالة والمحاسبة”، في إطار ما وصفته بـ”مسار بناء سوريا الجديدة”.