يكشف الإصدار السادس من “مقياس وسائل التواصل الاجتماعي” الصادر عن مؤسسة Sunergia لعام 2025 أن المغرب بات أكثر تجذرًا من أي وقت مضى في الحياة الرقمية، غير أن الفوارق في الولوج إلى الإنترنت لا تزال حاضرة، وتظهر تحولات ملحوظة في تفضيلات المنصات لدى المستخدمين.
وفقًا للبيانات، يستخدم 81% من المغاربة اليوم وسائل التواصل الاجتماعي، بزيادة قدرها 8 نقاط مقارنة بعام 2020، لكن لأول مرة منذ سنوات، تباطأ نمو الاستخدام وتراجع بنسبة نقطة واحدة مقارنة بعام 2024، ما يشير إلى حالة من الاستقرار النسبي أو بداية مرحلة التشبع.
رغم هذا النمو، لا يزال 19% من سكان المغرب خارج العالم الرقمي، وهي فئة تتركز أساسًا في صفوف كبار السن، وسكان المناطق القروية، وذوي الدخل المحدود، حيث يمثل الولوج إلى التكنولوجيا والإنترنت تحديًا حقيقيًا.
واتساب يواصل الهيمنة
تظل منصة واتساب الوسيلة المفضلة لدى المغاربة للتواصل، حيث يستخدمها 75% من السكان، و95% منهم يلجؤون إليها يوميًا. وتزداد شعبيتها بين الفئات الشابة (88% من الفئة العمرية 18-24 عامًا)، وسكان المدن، والفئات الاجتماعية ذات الدخل المرتفع، نظرًا لتوفر الهواتف الذكية وحزم البيانات.
فيسبوك يحافظ على مكانته وإنستغرام يواصل الصعود
يحتل فيسبوك المركز الثاني بنسبة استخدام تصل إلى 62% من المغاربة، مع ارتفاع ملحوظ في معدلات التفاعل اليومي (نحو 90% من المستخدمين). ويتفوق الرجال بشكل طفيف في استخدام المنصة، التي لا تزال تجذب الفئة العمرية من 18 إلى 44 عامًا، خصوصًا في المناطق الحضرية شمال شرقي البلاد.
أما إنستغرام، الذي يستخدمه 42% من السكان، فيواصل نموه البطيء والثابت، مع حضور أقوى في أوساط النساء والفئات الشابة الحضرية. ويزور نحو 90% من مستخدمي المنصة ضمن الفئة 18-24 عامًا التطبيق يوميًا، ما يعزز مكانته كمنصة للصور والموضة والترفيه المرئي.
يوتيوب يدخل الترتيب وتيك توك يصعد
لأول مرة، يظهر يوتيوب ضمن ترتيب “الباروميتر”، محتلاً المرتبة الرابعة بنسبة استخدام تبلغ 40%. أغلب جمهوره ينتمي للفئة العمرية ما بين 18 و44 عامًا. ويعكس ظهوره القوي اعتماده المتزايد كمصدر للمحتوى الترفيهي والتعليمي والإخباري.
في المقابل، واصل تيك توك صعوده، إذ يستخدمه اليوم 25% من المغاربة، أي بزيادة 5 نقاط عن العام الماضي. وتشكل الفئة العمرية دون 25 عامًا أكثر من ثلث مستخدميه، حيث يتفاعل معه 75% منهم بشكل يومي، ما يجعله واحدًا من أكثر المنصات نشاطًا بين الشباب.
سناب شات وتليغرام يتراجعان
بعد أن كانا من المنصات المفضلة لدى بعض الفئات، فقد كل من سناب شات وتليغرام بريقهما، حيث لا يتعدى مستخدموهما اليوم 8% من السكان، مع تراجع في التفاعل اليومي، حيث لم يعد سوى نصف المستخدمين يلجون إليهما يوميًا، مقارنة بنسب أعلى في السنوات السابقة.
أما المنصات المتخصصة مثل LinkedIn (6%) وX – تويتر سابقًا – (5%) وPinterest (4%)، فتحتفظ بجمهور محدود ونخبوي، غالبًا ما يتركز في الأوساط المهنية أو المهتمة بمجالات معينة.
الفجوة الرقمية: كبار السن وسكان القرى خارج المعادلة
رغم الانتشار الواسع للإنترنت، تبقى فئة واسعة من المجتمع المغربي غير مندمجة في العالم الرقمي، خصوصًا من هم فوق 55 عامًا وسكان المناطق القروية. وتشير الأرقام إلى أن نحو نصف من تجاوزوا 65 عامًا ما زالوا غير متصلين، بسبب غياب الوسائل التقنية أو ضعف المهارات الرقمية.
التكنولوجيا تتغير والمستخدمون يتأقلمون
في الوقت الذي يعرف فيه عدد المستخدمين استقرارًا، تشهد المنصات نفسها تحولات سريعة. فقد أدخلت تطبيقات مثل واتساب وفيسبوك وإنستغرام ميزات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي (مثل Meta AI)، إلى جانب أدوات خصوصية مطورة لتعزيز ثقة المستخدمين.
يرسم “باروميتر 2025” صورة لمجتمع مغربي يعيش تحوّلًا رقميًا لا رجعة فيه، لكن بوجهين: الأول يتقدم بسرعة، والثاني ما زال يحاول اللحاق. وبين المنصات الصاعدة والأخرى الآفلة، تتغير طرق التواصل والاستهلاك الرقمي لدى المغاربة، لكن ليس بالوتيرة نفسها للجميع.