عزّز ميناء طنجة المتوسط من موقعه العالمي كمركز محوري في التجارة البحرية، بعدما صعد إلى المرتبة 17 عالميًا ضمن قائمة أكبر 500 ميناء للحاويات في العالم، وفق التصنيف الجديد الصادر عن مؤسسة “Alphaliner” المتخصصة في تحليلات الشحن البحري. هذا التقدم بمركزين يؤكد مكانة الميناء المغربي ضمن النخبة العالمية ويعكس أهميته الاستراتيجية في سلاسل الإمداد الدولية.
ويُعد هذا الإنجاز تتويجًا لسلسلة من التوسعات والاستثمارات المدروسة والنمو المستمر في الأداء التشغيلي. حيث سجّل الميناء رقمًا قياسيًا في 2024 من خلال معالجة 10.24 مليون حاوية مكافئة (TEUs)، ما يرسخ موقعه كمحور لوجستي رئيسي على ممر الأطلسي–المتوسط.
من بين أفضل 30 ميناءً في العالم، احتل طنجة المتوسط المرتبة الثانية من حيث نمو حركة الحاويات السنوي بنسبة %18.8، متفوقًا على معظم الموانئ العالمية، باستثناء مينائي لوس أنجلوس ولونغ بيتش في الولايات المتحدة، اللذين حققا نموًا بنسبة %19.8. ويؤكد هذا الأداء الاستثنائي على جاذبية الميناء المغربي وقدرته على الصمود في وجه التحديات المرتبطة بتقلبات سلاسل التوريد والجيوسياسية العالمية.
ويُمثل دخول طنجة المتوسط إلى قائمة الثلاثين الأوائل عالميًا سابقة إفريقية ومتوسطية، حيث يُعد أول ميناء من القارتين يحقق هذا الإنجاز، ما يُجسد انتصارًا استراتيجيًا للمغرب، الذي يُعزز بذلك موقعه كبوابة لوجستية تربط أوروبا بإفريقيا والشرق الأوسط.
هذا التقدم اللافت لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة منظومة متكاملة من الجهود المتواصلة. ثقة شركات الشحن العالمية في طنجة المتوسط كمركز عالي الأداء، إلى جانب الكفاءة التشغيلية للعمالة، ساهمت في تحقيق معدلات إنتاجية غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة.
فعليًا، شهد الميناء تحسينات ملموسة على الأرض، من خلال توسيع وتحديث البنية التحتية، وتوفير معدات متطورة، واعتماد أنظمة جدولة دقيقة خفضت بشكل كبير من أوقات انتظار السفن. كل عنصر في المنظومة التشغيلية صُمم لتحقيق أعلى درجات السرعة والفعالية.
لكن ما يُميز طنجة المتوسط عن غيره من الموانئ هو رؤيته الاستراتيجية بعيدة المدى. فكل استثمار يتم في إطار خطة شاملة لتعزيز الاتصال والمرونة والاستدامة. وفي عالم تسوده التغيرات السريعة والهشاشة اللوجستية، يبرز النموذج المغربي كمثال ناجح على التكيف والابتكار.