Table of Contents
كشف هجوم سيبراني واسع النطاق استهدف وزارة التشغيل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن تسريب ما يقرب من مليوني معلومة شخصية على شبكة “الدارك ويب”، ما دق ناقوس الخطر حول هشاشة الأمن السيبراني بالمغرب. وفي هذا السياق، تحذر مانار بلفقيه، الرئيسة التنفيذية للمركز المغربي للاستخبارات الاقتصادية، من التهاون في مواجهة هذا النوع من التهديدات، داعية إلى “نهضة استراتيجية” تبدأ بتكوين جنود إلكترونيين وبناء درع رقمي وطني شامل.
وتؤكد الخبيرة أن هذا النوع من الهجمات يعكس تحول الأمن الإلكتروني إلى ساحة حرب هجينة معقدة، تتطلب استجابة وطنية سريعة ومنظمة لحماية المؤسسات والبنية التحتية الحيوية للمملكة.
تسريب ضخم يكشف هشاشة أمنية
استهدفت العملية مؤسستين رئيسيتين: وزارة التشغيل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS). وتشير المعطيات التقنية المتوفرة إلى تسريب ملفات بصيغة CSV تحتوي على بيانات 499,881 مقاولة ومعلومات شخصية تخص 1.99 مليون موظف. هذه البيانات، التي تتضمن أرقام بطاقات الهوية الوطنية، تفاصيل بنكية، ورواتب، أصبحت متاحة على الدارك ويب، ما يُمثل تهديداً مباشراً لخصوصية المواطنين وللسلم الاجتماعي والاقتصادي.
تحليل أولي للهجوم: الخطر يتجاوز الحدود
في حديثها عن طبيعة الهجوم، ترى مانار بلفقيه أنه لا يمكن قراءة هذه الواقعة بمعزل عن السياق العالمي. وتقول: “علينا أولاً أن نتعامل مع الواقعة بموضوعية وعقلانية بعيداً عن ردود الفعل العاطفية، فالهجمات السيبرانية أصبحت شائعة حتى في الدول التي تمتلك أنظمة حماية متقدمة. لقد تعرض البنتاغون، وعدد من المؤسسات الفرنسية والروسية لهجمات مشابهة. في الفضاء السيبراني، لا وجود لمفهوم ‘الخطر الصفري’.”
وتضيف أن أي جهاز متصل بشبكة الإنترنت – سواء كان مؤسسة أو فردًا – يبقى هدفاً محتملاً للاختراق. وما حدث يكشف عن تهديد فوري لخصوصية المواطنين، ويؤكد ضرورة تبني مفهوم جديد للأمن السيبراني الوطني.
الحاجة إلى تحول جذري في الاستراتيجية الرقمية
تُشدد بلفقيه على أن مواجهة هذا النوع من التهديدات لا يجب أن تقتصر على الحلول التقنية الفورية، بل يجب أن تشمل تحولاً استراتيجياً شاملاً يرتكز على ستة محاور رئيسية:
- تكوين جنود إلكترونيين: متخصصين في الأمن السيبراني يتمتعون بالمهارات اللازمة لحماية المؤسسات الوطنية.
- إرساء درع رقمي وطني: يهدف إلى رصد التهديدات بشكل استباقي والتصدي لها بفعالية.
- مراجعة شاملة للأنظمة الحيوية: من خلال تدقيق أمني منتظم لأنظمة المؤسسات الحساسة.
- ترسيخ ثقافة “النظافة الرقمية”: على غرار النظافة الجسدية، تستوجب حماية الأجهزة والبيانات عبر ممارسات رقمية سليمة.
- حملات توعية واسعة النطاق: تستهدف الموظفين والمواطنين على حد سواء لتعزيز الوعي بالمخاطر السيبرانية.
- إدماج الأمن السيبراني في السياسة الوطنية: ليصبح أولوية في التخطيط الاستراتيجي للدولة.
دعوة إلى إعلان “حالة تأهب رقمية”
وفي ختام حديثها، تدعو مانار بلفقيه إلى التعامل مع الأمن السيبراني كما نتعامل مع الأمن القومي، معتبرة أن “المرحلة تتطلب إعلان حالة تأهب رقمية حقيقية، لأن الحرب في الفضاء السيبراني أصبحت موازية للحروب التقليدية من حيث التأثير والدمار المحتمل”.
وتعتبر أن المغرب اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستثمار في قدراته الرقمية وتعزيز أمنه السيبراني، أو المخاطرة بمزيد من الهجمات التي قد تهدد سيادته الرقمية ومكانته الإقليمية.