كشف قرار إلغاء ذبح الأضاحي لهذه السنة عن الخلل العميق الذي يعاني منه قطاع اللحوم الحمراء بالمغرب. الحكومة، عبر الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، اعترفت بخطئها في منح دعم بقيمة 500 درهم لكل رأس مستوردة من أوروبا، مما أثار انتقادات واسعة تجاه المستوردين والمضاربين الذين استغلوا هذه الإعانات دون أن ينعكس ذلك على انخفاض الأسعار.
تراجع الأسعار بعد القرار الملكي
بعد إعلان القرار، تراجعت أسعار الأضاحي بشكل ملحوظ، ما أدى بدوره إلى انخفاض أسعار اللحوم الحمراء. مصادر متعددة أكدت أن الأسعار انخفضت من 130 درهما إلى حوالي 90 درهما للكيلوغرام، لكن هذه التراجعات لم تعمّم بعد، إذ لا يزال بعض الجزارين في الدار البيضاء يعرضونها بأسعار تتراوح بين 110 و130 درهما، في حين تظل مرتفعة في المتاجر الكبرى عند 129 درهما للكيلوغرام.
فشل دعم الاستيراد وتأثيره على السوق
على الرغم من الدعم الحكومي، إلا أن أسعار اللحوم لم تتراجع على مدى العامين الماضيين، بل وصلت إلى 150 درهما للكيلوغرام في بعض المحلات. هذا الفشل دفع الوزير المنتدب إلى الاعتراف خلال جلسة برلمانية في 4 مارس 2025 بأن القرار كان خطأ، رغم أنه اتخذ بهدف سد النقص في القطيع بسبب الجفاف وضمان أسعار مناسبة للمستهلكين.
نظام مربح للمستوردين على حساب المواطنين
المستوردون استفادوا من امتيازات ضريبية وإعفاءات جمركية، ما زاد من استياء المواطنين، خصوصًا مع استمرار الأسعار في مستوياتها المرتفعة. فإلى جانب تلقيهم دعماً مباشراً، لم يدفعوا أي ضرائب أو رسوم جمركية على وارداتهم، مما سمح لهم بتحقيق أرباح كبيرة.
ضرورة الإصلاح الجذري
يشدد الخبراء على ضرورة إصلاح منظومة تسويق اللحوم والحد من احتكار 18 مضاربًا يسيطرون على سوق التوزيع، وفق تصريحات وزير الصناعة والتجارة رياض مزور. كما دعا إلى وضع سقف للأسعار وإنشاء نقاط بيع مخصصة للمواشي المستوردة لمنع استغلال المستهلكين.
إجراءات ضرورية لمستقبل القطاع
يجب على الحكومة استغلال الفترة المقبلة لمعالجة المشاكل الهيكلية، مثل تحسين إدارة الموارد المائية وخفض تكاليف الأعلاف، التي تفاقمت بسبب اضطرابات سلاسل التوريد العالمية. في الوقت الراهن، يبدو أن الحكومة تركت المجال للوبيات الاستيراد والمضاربين لجني أرباح طائلة على حساب المستهلك المغربي، مما يستوجب تدخلًا عاجلًا لإصلاح القطاع وضمان استقرار الأسعار.