في خطوة جريئة لم تكن متوقعة، قررت رئيسة جمهورية ناميبيا طرد 500 مواطن أمريكي من البلاد، كما أعلنت عن مضاعفة رسوم التأشيرات المفروضة على رعايا الولايات المتحدة، ردًا على السياسات العدوانية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خاصة المتعلقة بترحيل الأفارقة بشكل غير قانوني.
دونالد ترامب، الذي طالما قدّم نفسه على أنه الرجل الأقوى في العالم، لم يتمكن من إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة كما وعد، ولم ينجح في إخضاع الصين في معركة الرسوم الجمركية، ولم يستطع فرض سيطرته على النظام القضائي الأمريكي، بل حتى طموحاته في السيطرة على غرينلاند وقناة بنما تحولت إلى مادة للسخرية. وبينما يملك قدرًا كبيرًا من النفوذ، هناك حدود واضحة لما يستطيع إنجازه.
كثير من الدول شعرت بالارتباك إزاء صدمة القرارات الأولى التي اتخذها ترامب، لكن مع مرور الوقت، بدأت القوى الكبرى مثل الصين، وكندا، ودول الاتحاد الأوروبي في الرد. إلى جانبها، ظهرت بعض الدول الصغيرة التي أثبتت أن بإمكانها إلحاق الأذى السياسي حتى بأقوى زعماء العالم، مثل ناميبيا.
ناميبيا، الدولة الصغيرة الواقعة في جنوب غرب إفريقيا والتي لا يتجاوز عدد سكانها 2.6 مليون نسمة، غالبًا ما تكون غائبة عن رادارات الساسة الأمريكيين. ترامب نفسه لم يكن على دراية بوجودها، كما أظهر تجاهلًا تامًا لدول إفريقية أخرى مثل ليسوتو، التي استخدمها كمثال لتبرير خفض تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). ولكن هذا الجهل بجغرافيا العالم وتعقيداته لم يمنع رئيسة ناميبيا الجديدة، نيتومبو ناندي-نديتواه، من اتخاذ موقف صارم ضد السياسات الأمريكية التمييزية.
الرئيسة الناميبية قالت إن “من لا يمكنه دخول الولايات المتحدة بدون تأشيرة، فلن يتمكن من دخول ناميبيا بدون تأشيرة أيضًا”، مضيفة أن “كل أمريكي يرغب في زيارة ناميبيا سيدفع رسوم تأشيرة مضاعفة”. بهذا القرار، وجهت رسالة واضحة لواشنطن: المعاملة بالمثل هي القاعدة.
هذه الخطوة القوية من سيدة تبلغ من العمر 72 عامًا تمثل لحظة فارقة في السياسات الإفريقية تجاه القوى الغربية، إذ إنها تكسر حاجز الخوف من ردود أفعال الولايات المتحدة وتفتح الباب أمام دول إفريقية أخرى لاتخاذ مواقف مماثلة.
ولم تكتفِ ناندي-نديتواه بذلك، بل أعلنت أن “أي مواطن إفريقي يجب ألا يُطلب منه تأشيرة لزيارة ناميبيا”، مؤكدة على أهمية تعزيز التضامن بين الدول الإفريقية وتشجيع حرية التنقل داخل القارة، كما بدأته كينيا في عام 2023 بإلغاء التأشيرات لجميع الأفارقة.
في وقت تستمر فيه النزاعات الجيوسياسية الدولية، دعت الرئيسة الناميبية إلى أن تركز الدول الإفريقية على ما يمكنها تحقيقه داخل حدود قارتها، بالاعتماد على ثرواتها الطبيعية الهائلة ووحدتها، باعتبار ذلك أساسًا للتنمية التي طالما استحقها شعوب إفريقيا.