كشف تقرير حديث صادر عن مركز “بيو” الأمريكي للأبحاث عن تحولات جوهرية في خارطة الانتماء الديني العالمي بين عامي 2010 و2020، أبرزها أن المسلمين كانوا الأسرع نموًا بين جميع الأديان، حيث ارتفع عددهم خلال العقد الماضي بنحو 347 مليون نسمة، وهو ما يفوق مجموع الزيادات في أتباع الديانات الأخرى مجتمعة.
واعتمد التقرير على بيانات مستخلصة من أكثر من 2700 عملية تعداد واستقصاء، شملت مختلف دول العالم، ليخلص إلى أن النمو السكاني ظل العامل الأساسي في هذا التحول، خاصة في المناطق التي تشهد تركّزًا سكانيًا كبيرًا للمسلمين.
المسيحية لا تزال الديانة الأكبر عالميًا.. لكن النمو يتباطأ
على الرغم من أن المسيحية ما تزال أكبر ديانة في العالم، إذ يبلغ عدد معتنقيها حوالي 2.3 مليار شخص (أي 28.8% من سكان العالم)، فإن نسبة نموها خلال العقد المذكور لم تواكب الزيادة العامة في عدد السكان، حيث لم تتجاوز 1.8%، وسجّلت خلال هذه الفترة 121.6 مليون معتنق جديد فقط.
وفي تحول لافت، أصبحت منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى موطنًا لأكبر عدد من المسيحيين عالميًا، متجاوزةً أوروبا، إذ يعيش بها الآن 30.7% من مسيحيي العالم مقابل 22.3% في أوروبا.
نمو مطرد في عدد المسلمين ومعدل خصوبة مرتفع
أما على صعيد المسلمين، فقد ارتفعت أعدادهم من 1.7 مليار في عام 2010 إلى 2 مليار في عام 2020، بمعدل نمو بلغ 21%، أي أكثر من ضعف معدل نمو سكان العالم الذي بلغ 10% في الفترة ذاتها. ونتيجة لذلك، ارتفعت نسبة المسلمين من سكان العالم من 24% إلى 26%.
وسجّل المسلمون أعلى معدل خصوبة إجمالي بين جميع الأديان، حيث بلغ 3.1 طفل لكل امرأة في الفترة 2010-2015، وهو ما يعكس الهرم العمري الفتيّ داخل المجتمعات الإسلامية، حيث أشار التقرير إلى أن 35% من المسلمين كانوا دون سن 15 سنة في عام 2010، بينما لم تتجاوز نسبة من تجاوزوا 50 عامًا 13% فقط.
نمو بارز للمسلمين في أمريكا الشمالية وإفريقيا
وسُجل أعلى معدل نمو للمسلمين في أمريكا الشمالية، حيث ارتفعت أعدادهم بنسبة 52% ليصلوا إلى 5.9 مليون في 2020، تليها إفريقيا جنوب الصحراء بزيادة بلغت 34% ليصل عدد المسلمين هناك إلى 369 مليون نسمة.
في المقابل، كانت منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي هي الاستثناء الوحيد، حيث نما عدد السكان غير المسلمين بنسبة 10%، بينما اقتصر نمو المسلمين على 6% فقط.
وشهدت نسبة المسلمين في آسيا والمحيط الهادئ انخفاضًا طفيفًا من 61% إلى 59% من إجمالي مسلمي العالم، في حين ارتفعت نسبة المسلمين في إفريقيا جنوب الصحراء من 16% إلى 18%.
تغيّرات محلية في عدة دول
أشار التقرير أيضًا إلى تغيرات محلية في نسب المسلمين في بعض البلدان، حيث ارتفعت بما لا يقل عن 5% في دول مثل كازاخستان، بنين، ولبنان، في حين انخفضت بنفس النسبة تقريبًا في تنزانيا وسلطنة عُمان.
اليهود والبوذيون في وضع ديموغرافي ساكن
أما على مستوى الجاليات الدينية الأخرى، فقد استقر عدد اليهود نسبيًا، حيث زاد بمليون نسمة فقط، ليصل إلى 14.8 مليون نسمة، مشكلين بذلك حوالي 0.2% فقط من سكان العالم.
وخلص التقرير إلى أن التغيرات الديموغرافية بين الأديان تُعزى إلى عوامل متعددة، أبرزها: النمو السكاني الطبيعي، معدلات الخصوبة، الهجرة، والهرم العمري.
الهجرة: عامل حاسم في التوزيع الجغرافي
وسلط التقرير الضوء على الدور الذي تلعبه الهجرة الدولية في إعادة تشكيل التوزيع الديني في العالم، حيث ساهمت في تعزيز وجود المسلمين في أمريكا الشمالية وأوروبا، في حين ساهمت في زيادة أعداد غير المسلمين في دول مجلس التعاون الخليجي.