اندلعت احتجاجات واسعة في مدينة لوس أنجلوس نهاية الأسبوع الماضي، عقب تنفيذ مداهمات عنيفة من قبل وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة بنشر 2000 جندي من الحرس الوطني في المدينة، واصفًا الاحتجاجات بأنها “تمرد يجب إخماده”.
وكتب ترامب على منصة “تروث سوشال”: “الوضع في لوس أنجلوس سيء للغاية. أحضروا الجنود”.
المظاهرات اندلعت بعد تنفيذ عمليات دهم في عدة مواقع عمل، وصفتها منظمات حقوق المهاجرين والنقابات العمالية بأنها وحشية ومبنية على إثارة الخوف. ومن بين المعتقلين، ديفيد هويرتا، رئيس اتحاد موظفي الخدمة العامة (SEIU) في كاليفورنيا، الذي تم توقيفه بعنف رغم حضوره بشكل سلمي كمراقب. وأكد قادة النقابة أن هذه الاعتقالات جزء من حملة تهدف لترهيب المجتمعات المهاجرة.
وقالت النقابة في بيان: “نحن كنقابة سنبقى دائمًا في صف إخواننا وأخواتنا من المهاجرين. لن نسكت ولن نختفي. سنواصل الظهور وسنواصل النضال”.
الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن تصاعدت بسرعة في عدة مناطق من المدينة، حيث استخدمت القوات الفيدرالية الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق التجمعات. تجمع المحتجون أمام مبانٍ فيدرالية، كما تم الإبلاغ عن مواجهات أمام متجر “هوم ديبو” في جنوب شرق المدينة. الشرطة أعلنت وقوع أضرار مادية واعتقال عدد من الأشخاص.
واتهمت السلطات بعض المتظاهرين بنهب محال تجارية، وإقامة حواجز، ومهاجمة عناصر الشرطة على الطريق السريع 101 بالألعاب النارية والحجارة. وردت شرطة لوس أنجلوس بالسماح باستخدام “ذخائر غير قاتلة”، فيما تم نشر عناصر من الحرس الوطني لدعم القوات الفيدرالية على الأرض.
وسط تصاعد التوترات، أصيبت الصحفية الأسترالية لورين توماسي أثناء تغطيتها المباشرة، بعد أن أُطلقت عليها رصاصة مطاطية رغم ارتدائها زيًا واضحًا يعرّفها كإعلامية.
ترامب ضد كاليفورنيا: تدخل غير مسبوق يثير أزمة قانونية
القرار الرئاسي بنشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس دون طلب من سلطات الولاية، يعتبر الأول من نوعه منذ عقود، وأثار موجة استنكار قانوني وسياسي حاد، لكونه تجاوزًا واضحًا للصلاحيات الدستورية.
عادة ما تتطلب مثل هذه الإجراءات تنسيقًا مع حكام الولايات أو استخدام “قانون التمرد”، وهو ما لم يتم في هذه الحالة. وبدلًا من ذلك، استند ترامب إلى الفصل العاشر من قانون الولايات المتحدة، الذي يتيح له فرض السيطرة الفيدرالية المباشرة على قوات الحرس، دون الرجوع إلى حاكم الولاية.
الخبراء القانونيون اعتبروا هذه الخطوة اختبارًا خطيرًا لحدود السلطة التنفيذية، وانتهاكًا محتملاً للتعديل العاشر من الدستور الأمريكي، الذي يضمن سيادة الولايات. وبدون تفعيل قانون التمرد، لا يمكن قانونًا استخدام الحرس الوطني في عمليات شرطية داخلية، ما يجعل وجودهم محل جدل واسع.
حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، أدان بشدة هذا الإجراء، واصفًا إياه بـ”الخرق الخطير لسيادة الولاية”، وطالب بسحب القوات فورًا. وفي رسالة رسمية وجهها إلى وزارة الدفاع، أكد نيوسوم أن هذا القرار “تجاوز سلطة الحاكم” وانتهك القانون الفيدرالي، مشيرًا إلى أن الأمر لم يتم عبر القنوات القانونية المعتمدة.
وشدد الحاكم على أن سلطات إنفاذ القانون المحلية كانت قادرة على التعامل مع الوضع دون تدخل عسكري، محذرًا من أن نشر القوات يزيد من التوتر ويشتت الجهود الأمنية الحقيقية. كما فتح الباب لإمكانية الطعن القانوني ضد قرار ترامب.
وبينما تؤكد الجهات الفيدرالية أن القوات تهدف فقط إلى حماية عناصر ICE والمباني الفيدرالية، ترى منظمات الدفاع عن الحقوق المدنية أن الوجود العسكري يُفاقم الأزمة ويشعل الاحتجاجات المتواصلة لليوم الرابع على التوالي، وسط غضب شعبي من المداهمات، الاعتقالات، وتصعيد العنف في شوارع مدينة أمريكية كبرى.