في مدينة الخيام الكبرى قرب مكة المكرمة، تستعد الفرق الطبية السعودية لموسم حج يتزامن مع درجات حرارة مرتفعة للغاية، حيث تستنفر المملكة قدراتها تحسبًا لارتفاع حالات الإجهاد الحراري بين الحجاج. مستشفى طوارئ منى، أحد 15 مرفقًا صحياً مخصصًا لفترة الحج فقط، يُعد نقطة ارتكاز في جهود التعامل مع حالات الطوارئ، خاصة بعد كارثة 2024 التي شهدت وفاة أكثر من 1300 حاج بسبب الحرارة التي بلغت حينها 51.8 درجة مئوية.
السلطات السعودية سجّلت منذ بداية الموسم 44 حالة إجهاد حراري حتى الآن، مع توقعات بأن تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة خلال الأيام المقبلة، خاصة مع انطلاق الشعائر رسميًا يوم الأربعاء. المسؤول في وزارة الصحة، عبد الله عسيري، أشار إلى أن المستشفيات مجهزة للتعامل مع “أسوأ سيناريو”، في وقت وصلت فيه أعداد الحجاج إلى أكثر من 1.4 مليون شخص حتى الأحد.
منظومة التبريد داخل الحرم المكي تُعد الأضخم عالميًا، حيث يتم تنقية الهواء داخله تسع مرات يوميًا، بحسب التلفزيون الرسمي السعودي. لكن خارج المسجد، لا يزال التعرض المباشر للشمس يشكل تحديًا كبيرًا، ما يدفع بعض الحجاج إلى استخدام المظلات أو القبعات، بينما يواصل آخرون المشي دون أي حماية، مثل الحاج الفلسطيني رباح منصور الذي قال إنه معتاد على العمل في الهواء الطلق، لذلك لا يجد في الحرارة مشكلة كبيرة.
وبينما يتوافد الحجاج من كل أنحاء العالم، تحذر وزارة الصحة من الإفراط في بذل الجهد دون داعٍ، وتشير إلى أن الحماس الديني يجب أن يترافق مع الحذر الصحي. الحاج بدر الشريطة يرى أن المشقة جزء من الأجر، قائلاً: “كما ترون، نتصبب عرقًا، الحمد لله. الأجر يتطلب مشقّة”.
السلطات رفعت هذا العام الطاقة الاستيعابية للمنظومة الصحية بأكثر من 60% مقارنة بالعام الماضي، عبر تعبئة 50 ألف موظف صحي وإداري وتوفير أكثر من 700 سرير مكيّف. وتم إنشاء 71 نقطة طبية ميدانية للتدخل السريع وعلاج الحالات قبل تفاقمها، خاصة في يوم عرفة، حيث يعتقد الكثيرون خطأً أنه من الضروري البقاء تحت الشمس طوال اليوم.
وزير الحج توفيق الربيعة صرح بنشر آلاف المراوح والرذاذات بالإضافة إلى أكثر من 400 وحدة تبريد مائي. كما أنشئت ممرات مبرّدة للمشاة، منها ممر جديد بطول 4 كيلومترات يؤدي إلى جبل عرفات. الحرارة الشديدة التي تسبب بوفاة العديد العام الماضي تعكس تحديات التغير المناخي، إذ اعتُبر عام 2024 الأشد حرارة منذ بدء التوثيق المناخي في 1850.
الحاج عبد المجيد عاطي من الفيليبين لخّص التجربة بقوله: “الحرارة شديدة للغاية، لكن داخل الحرم الجو بارد بسبب التكييف. نعتبر هذا تحديًا لاختبار صبرنا وأخلاقنا”.