Table of Contents
يشهد العمل البرلماني تحولًا تدريجيًا لكنه بالغ الأهمية، مع بدء إدماج الذكاء الاصطناعي (AI) في آليات صنع القرار والتشريع. فقد قدمت فرقة عمل خاصة مؤخرًا تقريرًا إلى مجلس النواب، يتضمن رؤية طموحة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في صلب العمليات التشريعية، بهدف تعزيز الكفاءة وتحقيق شفافية أكبر في العمل البرلماني.
الذكاء الاصطناعي لخدمة التشريع والرقابة
يشير التقرير إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في كيفية التعامل مع البيانات التشريعية، حيث تتيح للأعضاء تحليل كميات ضخمة من المعلومات بسرعة ودقة، ما يُسرّع وتيرة اتخاذ القرار ويُحسّن جودته. كما يمكن لهذه التقنيات أن تُسهّل التواصل مع المواطنين، عبر تبسيط المصطلحات القانونية وتعزيز فهم الرأي العام للمسارات التشريعية.
ويبرز التقرير كذلك إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الرقابة البرلمانية، إذ يمكن استخدامه لمتابعة تطبيق القوانين بشكل لحظي وتحليل أداء المؤسسات الحكومية، ما يدعم مبدأ المحاسبة ويضمن تنفيذ السياسات بكفاءة أكبر.
المخاطر المحتملة والضوابط القانونية
ورغم هذه الإيجابيات، يحذر التقرير من مخاطر حقيقية، أبرزها الخصوصية الرقمية والتحيز الخوارزمي. فالاعتماد على أنظمة آلية غامضة قد يُهدد الشفافية ويقوّض الثقة في المؤسسات الديمقراطية، خاصة إذا كانت هذه الأنظمة غير مفهومة للجمهور أو حتى لصانعي القرار أنفسهم.
وبناءً عليه، توصي فرقة العمل بوضع إطار قانوني وأخلاقي واضح ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي في البيئات التشريعية، بما يضمن احترام الحقوق الفردية والتوافق مع المبادئ الديمقراطية.
توسيع المشاركة الشعبية
من بين النقاط اللافتة في التقرير، تسليط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز مشاركة المواطنين. إذ يمكن لهذه التقنيات أن تُبسّط النصوص القانونية، تُترجمها فورياً، وتُحلل آلاف الآراء العامة حول مشاريع القوانين، ما يخلق قنوات جديدة للتواصل بين المواطنين والمشرّعين ويُعيد صياغة مفهوم الديمقراطية التشاركية.
حلول عملية قيد التجربة
من جهة أخرى، بدأ المجلس بدراسة استخدامات عملية للذكاء الاصطناعي مثل: إعداد مسودات أولية للقوانين، تحليل النصوص القانونية الحالية، أرشفة الوثائق بطرق ذكية، والتفريغ اللحظي للنقاشات البرلمانية. كما تسعى الإدارة البرلمانية إلى استخدام AI لتحليل مشاعر الرأي العام خلال الاستشارات العامة، ما يمنح المشرّعين تصوراً شاملاً لتوجهات المواطنين.
المهارات الرقمية ضرورة مستقبلية
ويؤكد التقرير على أن هذا التحول يتطلب استثمارات في الموارد البشرية، عبر تعزيز كفاءات البرلمانيين في مجالات مثل تطوير البرمجيات، تحليل الأنظمة، والأمن السيبراني. فالقدرة على إدارة هذه الأدوات الحديثة لا تقل أهمية عن صياغة القوانين نفسها، لضمان أن تواكب الديمقراطية تطورات الذكاء الاصطناعي، لا أن تتخلف عنها.