Table of Contents
في رحلة رمزية ملهمة، تخوض أمل لبار أَحْلافي، وهي أم مغربية مقيمة في باريس، مغامرة استثنائية تمتد على 1600 كيلومتر سيرًا على الأقدام، انطلقت فيها من القدس مرورًا بـالمدينة المنورة وصولًا إلى مكة المكرمة، حاملةً معها رسالة سلام وأمل في زمن تغمره الحروب والاضطرابات.
مسيرة من أجل السلام… وسط نيران الحرب
اختارت أمل، الأم لثلاثة أطفال والعاملة في مجال المال والأعمال، أن تحوّل شعورها بالعجز أمام الأوضاع الإقليمية المتوترة إلى فعل ملموس. وقالت في رسالة صوتية لـ”يابلادي”:
“سئمت من مشاهدة ما يحدث في العالم. أردت أن أفعل شيئًا حقيقيًا.”
انطلقت رحلتها في 16 مايو من القدس، بعد مسار معقد بدأ من باريس مرورًا ببراغ، لتجد نفسها حاليًا في شمال السعودية، على بعد مئات الكيلومترات من الحرم المكي.
فكرة بدأت في باحات الأقصى
ولدت فكرة الرحلة عام 2022 خلال زيارتها للأقصى بمناسبة ذكرى زواجها. هناك، وبين أروقة المسجد المبارك، لمعت في ذهنها فكرة: “ماذا لو سرت من هنا إلى مكة؟ كم من الوقت سأحتاج؟”
بحثت في خرائط غوغل دون جدوى، فاضطرت لحساب المسافة بنفسها. “كانت حوالي 1500 كيلومتر. ومنذ ذلك الحين، لم أفكر إلا في إنجاز هذا الحلم.”
رغم أنها أدت مناسك الحج في 2023، بقيت فكرة السير على خطى الصحابة تراودها، وتحوّلت لاحقًا إلى مشروع روحاني وإنساني أطلقت عليه اسم: “طريق الصحابة”.
تحديات لا تنتهي… ولكن العزيمة أقوى
عكفت أمل على التخطيط لرحلتها طيلة ستة أشهر، متجاوزةً صعوبات إدارية ولوجستية لا تُحصى، أبرزها:
- الحصول على التأشيرات المناسبة
- تجهيز المعدات
- التنسيق الأمني باعتبارها امرأة تسافر سيرًا بمفردها
- التعامل مع إلغاء رحلات في اللحظات الأخيرة
وروت بابتسامة موقفًا طريفًا حين أُلغيت رحلتها من باريس في اللحظة الأخيرة، فقررت السفر إلى براغ لتلتحق برحلة بديلة إلى تل أبيب: “لم يكن لدي خيار، فحملت حقيبتي واستقليت سيارة أجرة فورًا.”
احتفظت أمل بتفاصيل خطتها سرًا حتى اللحظة الأخيرة، لتتفادى ما وصفته بـ”الطاقة السلبية”، حتى من أقرب المقرّبين، إذ قالت:
“الجميع قال لي إن التوقيت خاطئ. لكنني أعتقد أن هذا هو الوقت المثالي للمشي من أجل السلام.”
السير على خطى الصحابة
رحلة أمل ليست فقط من أجل السلام، بل هي أيضًا تكريم لرفاق النبي محمد ﷺ. تسير حرفيًا على طرق سلكها الصحابة الأجلاء، وتزور قبورهم، وتوثّق قصصهم عبر بودكاست أسبوعي بعنوان “طريق الصحابة”.
وخلال عبورها الأردن، وصلت إلى مدينة مؤتة، حيث استشهد عدد من كبار الصحابة، من ضمنهم ابن عم النبي جعفر بن أبي طالب. وقالت:
“شعرت بامتنان كبير عندما تمكنت من الوقوف عند قبورهم والدعاء لهم.”
المرحلة الأصعب… الصحراء
وصلت أمل مؤخرًا إلى تبوك في شمال السعودية، بعد عبورها من المدورة. والآن، تستعد لأصعب مرحلة في رحلتها:
250 كيلومترًا عبر الصحراء تحت لهيب الشمس، حيث ستحمل معها مؤنًا تكفي لستة أو سبعة أيام.
تخطط للبقاء ليلة واحدة فقط في المدينة المنورة، قبل الانطلاق نحو مكة، حيث تنوي أداء مناسك العمرة عند الوصول.
تجربة ليست الأولى
ليست هذه المغامرة هي الأولى من نوعها في سجل أمل. فقد سبق لها أن قطعت منغوليا سيرًا على الأقدام، بمعدل ماراثون يوميًا لجمع التبرعات لعملية قلب لطفل إفريقي، ونجحت في مهمتها.
كما سارت على طريق سانتياغو الشهير في إسبانيا، حيث قطعت 1500 كيلومتر أخرى، أيضًا لجمع التبرعات لعملية قلب ثانية.
“العمليتان تكللتا بالنجاح، والطفلان يعيشان الآن بصحة جيدة وسط عائلاتهم”، تروي أمل بفخر.
