بعد عودته من كرواتيا، حيث قاد منتخب غينيا خلال بطولة العالم الأخيرة التي أقيمت في الدنمارك وكرواتيا 2025، تفاجأ المدرب إبراهيم لاغة بقرار إقالته من منصبه كمدرب للمنتخب التونسي للشباب من قبل الوزارة الوصية. قرار غريب خاصة وأن المعني بالأمر لم يُمنح فرصة للدفاع عن موقفه ولم يجد أي مسؤول يُفسر له الأسباب الحقيقية وراء هذه الإقالة المفاجئة.
رئيس الجامعة التونسية لكرة اليد، كريم هلالي، الذي أشرف بنفسه على تعيين إبراهيم لاغة على رأس المنتخب بإجماع من المدير الفني نبيل عمارة، والذي كان لا يزال في الدنمارك عند اتخاذ القرار، لم يكن على علم بهذه التطورات الغريبة. من جهة الوزارة، بررت هذه الإقالة بكون المدرب ارتكب “خطأً مهنياً جسيماً” من خلال الجمع بين تدريب المنتخب التونسي للشباب ومنتخب غينيا.
لكن من غير المنطقي أن الجامعة التونسية وكريم هلالي شخصياً ووزارة الشباب والرياضة لم يكونوا على علم مسبق بأن هذا المدرب كان مرتبطًا بعقد مع المنتخب الغيني قبل تعيينه على رأس المنتخب التونسي. كلا الطرفين، عند استقدامه وتوقيع عقده، لم يُظهرا أي اعتراض على الجمع بين الوظيفتين في فترات زمنية مختلفة، ولم يعارضا سفره للمشاركة مع غينيا في بطولة العالم بكرواتيا.
بل أكثر من ذلك، فقد منحته الجامعة، بموافقة الوزارة، كافة الصلاحيات لتحضير المنتخب التونسي للشباب في فترة زمنية قصيرة جداً استعداداً لكأس إفريقيا للأمم 2024 في المهدية خلال شهر سبتمبر. ورغم الظروف الصعبة، قبل إبراهيم لاغة المهمة بدافع وطني، ولم يتوانَ عن بذل الجهود، حيث عمل على تشكيل فريق من اللاعبين الذين جُمِعوا على عجل خلال ثلاثة أشهر فقط، وبذل تضحيات كبيرة في سبيل ذلك. قاد المنتخب حتى المباراة النهائية أمام العملاق المصري، الذي استعد لهذه البطولة القارية لمدة تزيد عن عامين. وبشهادة خبراء كرة اليد، قدّمت تونس رغم الهزيمة أداءً مشرفاً للغاية أمام فريق أكثر جاهزية ومهارة.
لكن الجحود، النفاق، والمكر اجتمعت لتشكيل مؤامرة شريرة، مما ألحق ضرراً معنوياً ورياضياً ومادياً بالمدرب إبراهيم لاغة. فمن هم هؤلاء الذين يعملون في الخفاء كالخفافيش في الليل؟ ما مصلحتهم في حبك هذه المؤامرة؟ وما ذنب هؤلاء اللاعبين الشباب الذين عمل إبراهيم لاغة على تطويرهم بدنياً وتقنياً خلال ثلاثة أشهر فقط، وقادهم إلى منصة التتويج، ليُحرموا الآن من مدربهم الذي أحبوه؟
الحقيقة الوحيدة التي يمكننا قولها هي أننا نعيش في زمن الرداءة، حيث انقلبت القيم الأخلاقية رأساً على عقب، وأصبح الصدق والشفافية والجدية غير مرحب بها.
ومع ذلك، وبعيدًا عن المجاملات، يبدو أن رئيس الجامعة كريم هلالي لديه نية صادقة لحل هذا الخلاف وإعادة الأمور إلى نصابها. نأمل أن يتحقق العدل، رغم أنوف أصحاب القلوب المريضة والنفوس الشريرة.