بعد أشهر من الجمود والتوتر في العلاقات الثنائية، اتفق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون على إعادة إطلاق الحوار السياسي وتعزيز التعاون في مجالي الأمن والهجرة.
وجاء هذا الاتفاق خلال مكالمة هاتفية جرت اليوم بين الرئيسين، وشكلت تحولًا في لهجة التعامل بين البلدين، بعد فترة طويلة من التوتر الدبلوماسي. ووفق ما أعلنته مصادر رسمية، فإن الطرفين أكدا عزمهما على استئناف المشاورات، في وقت يُتوقع فيه أن يزور وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان العاصمة الجزائرية قريبًا.
كما دعا ماكرون خلال المكالمة نظيره الجزائري إلى إبداء الرأفة تجاه الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي حكم عليه القضاء الجزائري مؤخرًا بالسجن خمس سنوات. ويُعرف صنصال بانتقاده العلني للنظام الجزائري، وقد أثار استياء السلطات بعد تصريحاته المثيرة للجدل خلال مقابلة مع وسيلة إعلام فرنسية محسوبة على اليمين المتطرف، “Frontières”، في أكتوبر الماضي، حيث أعاد طرح رواية المغرب بشأن اقتطاع أجزاء من أراضيه لصالح الجزائر إبان الحقبة الاستعمارية الفرنسية.
وجاء في بيان صادر عن قصر الإليزيه أن طلب ماكرون يعكس “دعوة إنسانية”، بالنظر إلى سن الكاتب وحالته الصحية. وكانت قضية اعتقال صنصال، التي تعود إلى نوفمبر، قد عمّقت الخلاف بين باريس والجزائر.
وفي إطار المساعي الرامية إلى تجاوز الأزمة، من المرتقب أن يقوم وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، بزيارة إلى الجزائر في السادس من أبريل، تلبيةً لدعوة من نظيره الجزائري أحمد عطاف.
ولا تزال العلاقات بين فرنسا والجزائر متأثرة بخلفيات تاريخية معقدة، حيث ساهمت التطورات الأخيرة في زيادة حدة التوتر، خصوصًا بعد اعتراف ماكرون، في يوليو 2024، بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهي خطوة أثارت استياءً كبيرًا لدى الجزائر.
وقد جدد ماكرون هذا الموقف خلال خطاب رسمي ألقاه أمام البرلمان المغربي في أكتوبر، حيث قال:
“وأفكر هنا، بطبيعة الحال، أولًا وقبل كل شيء، في الصحراء الغربية، التي رغبت في أن أوضح بشأنها رؤية فرنسا… أؤكد من هذا المنبر أن حاضر ومستقبل هذا الإقليم يندرجان ضمن إطار السيادة المغربية”.