تُواصل شركة علي بابا الصينية العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية توسيع حضورها العالمي، وهذه المرة عبر رهان استراتيجي على المغرب، حيث أعلنت مؤخرًا عن إطلاق مشروع لوجستي ضخم يحمل اسم Cainiao Smart Logistics Network Morocco، وهي شركة فرعية تهدف إلى إعادة رسم خريطة تدفق السلع بين الصين والمغرب، وترسيخ المملكة كمركز لوجستي محوري للتجارة العالمية.
وقد تم تأسيس الشركة الجديدة في حي غوتييه بمدينة الدار البيضاء، أحد أبرز مراكز الأعمال في العاصمة الاقتصادية. ويتولى الإشراف على المشروع وي شيونغ، الممثل عن فرع المجموعة في هولندا Cainiao B.V، الذي تم تعيينه لقيادة العمليات وتوحيد سلسلة التوريد المغربية مع معايير علي بابا العالمية.
منذ تأسيسها عام 2013، أصبحت Cainiao فاعلًا عالميًا رئيسيًا في قطاع الخدمات اللوجستية، إلى جانب أسماء كبرى مثل Amazon Logistics وFlipkart Logistics، حيث تدير شبكة عالمية تمتد إلى أكثر من 200 دولة، تشمل 1,100 مستودع بمساحة إجمالية تُقدّر بـ 16.5 مليون متر مربع، و380 مركز فرز، إلى جانب شبكة جوية مكوّنة من 170 رحلة شحن أسبوعية، وما يزيد عن 170 ألف نقطة توزيع وتسليم حول العالم. وتهدف Cainiao إلى تحقيق طموح جريء: توصيل المنتجات إلى أي مكان في العالم في غضون 5 أيام.
ويأتي دخول علي بابا إلى السوق المغربية في إطار استراتيجية دولية طموحة، بدأت رسميًا في 18 ديسمبر 2024، بإطلاق المنصة الوطنية المغربية للتجارة الإلكترونية، بالتعاون مع الجمعية المغربية للمصدرين (ASMEX) والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات (AMDIE). وقد ركزت المرحلة الأولى على التجارة بين الشركات (B2B)، مع خطط مستقبلية لإطلاق خدمات موجهة للمستهلك مباشرة (B2C).
ويمثل الجانب اللوجستي الركيزة الأساسية لهذا التوسع، حيث تسعى علي بابا إلى ضمان توصيل سريع وتكلفة تنافسية، ما يستدعي بنية تحتية متطورة تشمل مستودعات ومراكز توزيع وسلاسل توريد فعالة. وهنا تتدخل خبرة Cainiao لتضع الأساس لنظام لوجستي عالمي المستوى داخل المغرب.
وتراهن المجموعة الصينية على الموقع الاستراتيجي للمغرب عند ملتقى إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، لجعله منصة إقليمية رائدة في التجارة الإلكترونية. ومن المتوقع أن تُسهم هذه الخطوة في تعزيز التجارة الخارجية، وخلق فرص شغل، وتنمية قطاعات حيوية مثل النقل والخدمات اللوجستية وتكنولوجيا المعلومات.
ما يبدو واضحًا هو أن علي بابا لا تنوي التراجع أو التباطؤ، بل تسير بثقة نحو جعل المغرب مرتكزًا أساسيًا في خارطة توسعها العالمي، في خطوة قد تُغيّر وجه التجارة الإلكترونية في المنطقة.