شهدت العاصمة الصينية بكين عرضًا عسكريًا غير مسبوق من حيث الحجم والأهمية السياسية، بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان. لأول مرة، ظهر الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون في حدث علني مشترك، حيث قاد الثلاثي العرض العسكري الذي أُقيم في ساحة تيانانمن.
تضمن العرض، الذي أوردته صحيفة The Times، مشاركة آلاف الجنود والبحارة والطيارين، إلى جانب عرض أحدث المعدات العسكرية للجيش الشعبي الصيني. بدأ الحدث بأداء فرقة موسيقية وجوقة، حيث رحّب شي وضيوفه بالمحاربين القدامى في أماكن الشرف. وفي خطاب ألقاه الرئيس الصيني، أشاد بالتاريخ المقاوم للصين، مؤكدًا التزام بلاده بمستقبل سلمي. بعدها، تفقد شي العرض من سيارة مكشوفة على امتداد شارع تشانغآن، المعروف بـ”شارع السلام الأبدي”، وسط بكين.
لم يُسمح للجمهور العام بحضور العرض، حيث اقتصر الحضور على مشاهدين تم اختيارهم بعناية ونُقلوا ليلاً إلى مدرجات مؤقتة. كما تم إغلاق وسط المدينة بالكامل، وأُبعد السكان المحليون عن المنطقة لضمان الأمن. استمرت التحضيرات لهذا الحدث لأشهر، متجاوزًا بضخامته جميع العروض العسكرية السابقة، بما في ذلك تلك التي أُقيمت بمناسبة تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 أو الاحتفال بالذكرى السبعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية عام 2015.
يُعد تنظيم هذا العرض مبادرة شخصية من الرئيس شي جينبينغ، الذي أعاد صياغة السرد التاريخي للحرب العالمية الثانية ليصبح جزءًا من رؤيته لـ”النهضة العظيمة للصين”. في السابق، لم تُبرز الصين بشكل خاص مقاومة الغزو الياباني، التي قادها الحزب القومي الكومينتانغ، بسبب الصراع مع الشيوعيين. لكن شي حوّل هذه الفترة إلى رمز للبطولة الوطنية، مُدمجًا إياها في روايته عن صعود الصين كقوة عالمية.
استغل شي البث العالمي للعرض لإبراز دعمه لبوتين وكيم، مؤكدًا قيادته لتحالف يضم الدول الثلاث. الصور التي أظهرت الزعماء الثلاثة وهم يصافحون ويتقدمون العرض على السجادة الحمراء حملت رسائل سياسية قوية، تعكس تعزيز التعاون بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية في مواجهة النظام الدولي.