طالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان (CNDH) باتخاذ إجراءات فورية لضمان حقوق السكن الكافي، عقب انهيار مبنيين سكنيين في مدينة فاس أسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة 16 آخرين.
وقع الانهيار في حي المستقبل بمنطقة المسيرة الحضرية، بين ليلة الثلاثاء والأربعاء. أكدت السلطات المحلية الحصيلة النهائية بعد انتهاء عمليات البحث والإزالة من الأنقاض.
أعرب المجلس عن “قلقه البالغ” إزاء الكارثة، مقدمًا تعازيه لعائلات الضحايا. وقد بدأت لجنة حقوق الإنسان الجهوية التابعة للمجلس تحقيقاً في ظروف الحادث وتبعاته.
وفقاً للبيانات الأولية، بُنيت المبانيان المنهارتان في عام 2006 ضمن عمليات البناء الذاتي لسكان دوار “عين السمّة” تحت برنامج “فاس مدينة بدون أحياء عشوائية”. كان أحد المبنيين خالياً أثناء الانهيار حوالي الساعة 11:20 مساءً، بينما كان الآخر يستضيف احتفالاً بعيد ميلاد.
أكد المجلس أن السكن الكافي حق أساسي مكفول بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة المادة 11، ومُسجل في الدستور المغربي بالمادتين 31 و34.
استشهد المجلس بتعليق اللجنة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية رقم 4، الذي يحدد السكن الكافي بأنه يشمل “السلامة الهيكلية، والحماية من المخاطر، وجودة البناء، والوصول إلى الخدمات الأساسية، وأمن الإيجار، والموقع المناسب لحفظ كرامة الإنسان”.
يجري حالياً تحقيق إداري وقضائي تحت إشراف النيابة العامة. أُوكلت خبرة فنية إلى مكاتب دراسات متخصصة لجمع البيانات المتعلقة بالحادث، وتحديد الأسباب الفنية، واكتشاف أي إخفاقات إجرائية قد تكون أثرت على الإجراءات القانونية والمعايير التنظيمية في التخطيط العمراني والبناء.
CNDH تحذر من أخطاء نظامية تهدد حياة المواطنين
حذر المجلس من أن “الانهيارات المتكررة للمباني تنتهك مباشرة حقوق السكن الكافي كما حددتها المعايير الدولية”. ودعا إلى تبني استراتيجية وطنية شاملة تعتمد على الوقاية، والمراقبة الدورية، وتطوير آليات تتبع وتوقع.
أصر المجلس على نشر نتائج التحقيق القضائي مع فرض إجراءات المساءلة لتعزيز “مبدأ المسؤولية والمحاسبة”. كما طالب بتعزيز التنسيق المؤسسي بين القطاعات الحكومية ذات الصلة، والإدارة الترابية، والمجالس المنتخبة.
شدد المجلس على تسريع برامج إعادة التأهيل للأحياء والمباني المتداعية، خاصة في المدن القديمة والمناطق التاريخية. وطالب بـ”تطبيق صارم لقوانين التخطيط العمراني واللوائح المتعلقة بالبناء، خاصة الرخص الإلزامية المرتبطة بمراقبة فنية دقيقة وتصاميم هندسية عالية الجودة”.
اقترح البيان إنشاء آلية مشتركة دائمة للتدخل السريع لمعالجة الشقوق أو العيوب الهيكلية المكتشفة، مما يسمح بتدخل وقائي قبل وقوع الحوادث “لحماية الأرواح وضمان الأمن العمراني”.
تلقت السلطات المحلية والحماية المدنية والقوات الأمنية إنذاراً قبل منتصف الليل عقب انهيار المباني التي تسكنها ثماني عائلات. قمن بتأمين المحيط، وإخلاء السكان المجاورين، وبدء عمليات البحث. نقل الـ16 مصاباً إلى المستشفى الجامعي بالمدينة.
دعا المجلس المواطنين إلى التعاون الإيجابي مع السلطات، خاصة في إخلاء المباني المعرضة للانهيار، وإبلاغ أي شقوق أو مؤشرات تهدد سلامة البناء، والمشاركة في برامج إعادة السكن.
كما جدد المجلس دعوته لتبني “سياسة عامة مستدامة لإعادة توطين العائلات في المباني المهددة بالانهيار، تقديم بدائل سكنية كافية ومتكاملة بناءً على نهج اجتماعي يقوم على الكرامة والعدالة الترابية”، دون الاقتصار على حلول مؤقتة.