عُقدت الدورة الثانية من ”المعرض المغربي للسياحة 2025“ في 19 و20 نوفمبر في الدار البيضاء، حيث اجتمع أكثر من 300 ممثل عن قطاع السياحة حول هدف مشترك: جعل السياحة محركًا حقيقيًا للنمو المستدام للمغرب وأفريقيا. وقد استلهم هذا الحدث رؤية جلالة الملك محمد السادس، وسلط الضوء على النموذج المغربي الناجح والأدوات التشغيلية التي تحول الإمكانات السياحية إلى مشاريع ملموسة ومنظمة.
أرقام قياسية: 16,6 مليون سائح حتى نهاية أكتوبر
يأتي هذا المؤتمر في موسم يشهد نمواً غير مسبوق في قطاع السياحة. بحلول نهاية أكتوبر 2025، سيستقبل المغرب 16.6 مليون سائح، بزيادة قدرها 14٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. على هامش توقيع اتفاقية استراتيجية بين مجموعة ”Aliancez“ وشركة ”Rixos Hotels“ لإدخال أول ”Al Inclusif Lux“ في المملكة، كشفت وزيرة السياحة والحرف اليدوية والاقتصاد السلمي، فاطمة زهرة أمور، عن هذه الأرقام المذهلة، وأكدت أنها تشهد تغييرًا جذريًا في القطاع.
تنظيم النمو والاستدامة: محرك النمو المستدام
تناولت المناقشة الأولى تحول المغرب إلى منصة سياحية رئيسية. عماد بركاد، المدير العام للشركة المغربية للهندسة السياحية (SMIT)، أن المملكة تتجاوز الآن البعد السياحي لتصبح ”مختبراً“ لنموذج التميز، حيث يتم تحديد معايير السياحة ذات القيمة المضافة العالية.
تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، يضع المغرب عرضًا منظمًا ومستدامًا قادرًا على دعم المشاريع الكبرى القادمة، لا سيما التحضير لكأس العالم 2030. وأوضح باراغاد أن هذه الديناميكية ستسرع الاستثمارات في قطاع الفنادق والسياحة، وستسمح لـ SMIT بـ ”تنظيم هذا النمو في إطار مستدام“، من خلال دمج الرقمنة والإدارة المسؤولة للموارد وتقديم خدمات ذات قيمة مضافة.
المغرب: منصة للاستثمار السياحي والاقتصادي
أكد إيفان كاميرون، مدير التطوير في مجموعة WESMONT، على جودة المغرب كمنصة للاستثمار السياحي والاقتصادي. تعمل WESMONT في السوق المغربية منذ عام 2005، وقد طورت مشاريع مهمة، من بينها إدارة فندق ”فور سيزونز“ في مراكش، مما يوضح التوافق بين المعايير الدولية والنموذج المحلي المتفوق.
بالنسبة للكاميرون، يوفر المغرب بيئة فريدة من نوعها: سوق ديناميكي، وبنية تحتية بحرية ولوجستية من بين الأفضل في العالم، وتوسع حضري يشجع على التنمية الاقتصادية. وشدد على أهمية الدعم المحلي القوي، مشيراً إلى أن مجموعة WESMONT قد نقلت تدريجياً مسؤولياتها وكفاءاتها إلى فريق مغربي، مع الحفاظ على المتابعة الاستراتيجية والدعم التشغيلي.
وفي هذا السياق، سلط الضوء أيضًا على الإنجازات التي تحققت خلال العام الماضي، من القطار فائق السرعة إلى كفاءة الموانئ، مما خلق بيئة مواتية للاستثمارات طويلة الأجل. وأخيراً، ذكّر بأن هدف WESMONT ليس مالياً فقط: بل هو إحداث تأثير حقيقي ودائم، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، من خلال المساهمة في التنمية الإقليمية وخلق فرص العمل.
منظمة متميزة ومبدعة
من جانبه، سلط كاسابيا غرانج، مدير التطوير في مجموعة Akour، الضوء على الخبرة الجماعية في تنظيم الأحداث السياحية والرياضية الدولية. مستفيدًا من خبرته في المسارح الأولمبية والمسابقات الدولية الكبرى، وصف كيفية اعتماد نهج متكامل يجمع بين إدارة الفنادق واللوجستيات الخاصة بالأحداث وتجربة عملاء استثنائية.
وأشار إلى أن هذه التميز يعتمد في المقام الأول على التنسيق التشغيلي الدقيق. وتوصي ممثلي وإدارة البنية التحتية بإظهار الكفاءة ومتابعة الفرق عن كثب وجودة الخدمات الفندقية غير المقبولة. أساس تحقيق الكمال. يضاف إلى ذلك المرونة والإبداع، وهما عنصران أساسيان لمواجهة التحديات العالمية الأكثر صعوبة.
وينطبق الأمر نفسه على أهمية البعد الإنساني والإقليمي: فمراعاة الاختلافات المحلية وإشراك المجتمعات المحلية وتثمين الموارد الإقليمية هي عوامل تعزز استدامة المشاريع وتأثيرها الإيجابي. ولتحقيق ذلك، يجب أن تتجاوز أي مبادرة الإطار التشغيلي: يجب أن تولد ردود فعل ملموسة ومستدامة لدى الزوار والمناطق المستقبلية، وتجمع بين الأداء والتميز والتأثير الاجتماعي والاقتصادي.
القرب والأولويات التشغيلية
وبالتالي، يتجاوز ”خطة العمل المغربية للسياحة 2025“ إطار العرض البسيط ليضع، بدقة، أسس سياحة مسؤولة ومستدامة. وقد برزت في صلب المناقشات محاور رئيسية هي: التنظيم والاستدامة، اللذان يضعان الإدارة المسؤولة للموارد في صميم الاستراتيجية الوطنية؛ والارتقاء بالجودة والتنويع، مع منتجات ناضجة اليوم – السياحة البيئية والمغامرة والجولات الثقافية – من أجل تقليل الاعتماد على الموسمية؛ والتنسيق الوثيق بين المؤسسات والمستثمرين والمشرفين، حيث يساهم كل منهم بتخطيطه أو رأس ماله أو خبرته العملية.
كما شدد المتحدثون على ضرورة الحفاظ على الاحترافية ونقل المهارات، مؤكدين على أهمية تحرير الفرق المحلية تدريجياً وتحقيق نتائج قابلة للقياس، من خلال تحويل التوصيات وورش العمل إلى إجراءات ملموسة ومقيمة. وبين الرؤية الاستراتيجية والقدرة الاستثمارية العالمية والخبرة العملية لمجموعات الفنادق، ترسم هذه الرؤية مسارًا معتمدًا نحو سياحة ديناميكية على مدار 365 يومًا في السنة، توفر فرص عمل وتؤثر على المنطقة.
وفي نفس السياق، نُظمت جلسات تواصل موجهة لتعزيز الحوار بين المستثمرين والجهات الإشرافية والمؤسسات. ورش عمل قطاعية مخصصة لاستكشاف فرص الاستثمار والتمويل والاتجاهات الجديدة؛ عروض تقديمية عن النجاحات المغربية والدولية، التي تكشف عن التحول العميق في المشهد السياحي؛ ولقاءات B2B و B2G، التي تشكل محركات حقيقية لمشاريع ملموسة.