Table of Contents
شهدت فرنسا يوم الخميس 18 سبتمبر 2025 إضراباً وطنياً ضخماً شارك فيه ما بين 600 إلى 900 ألف شخص، وفقاً لتقديرات وزارة الداخلية الفرنسية، احتجاجاً على سياسات الحكومة الرامية إلى خفض الإنفاق العام. امتدت الاحتجاجات إلى مدن عدة، بما في ذلك باريس، ليون، ونانت، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في بعض المناطق التي تصاعدت فيها التوترات.
أسباب الاحتجاجات
دعت النقابات العمالية، بما في ذلك الاتحاد العام للعمل (CGT) والاتحاد الديمقراطي للعمال (CFDT)، إلى هذا الإضراب الشامل لمعارضة خطة التقشف التي طرحتها الحكومة السابقة برئاسة فرانسوا بايرو، والتي تضمنت خفض الإنفاق العام بقيمة 44 مليار يورو، بهدف تقليص العجز المالي الذي بلغ 114% من الناتج المحلي الإجمالي. تضمنت هذه الخطة إلغاء يومين من العطلات الرسمية وخفض نفقات القطاع الصحي بـ5 مليارات يورو، مما أثار غضباً شعبياً واسعاً.
تطالب النقابات بزيادة تمويل الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة، وفرض ضرائب عادلة على الأثرياء، إلى جانب إلغاء إصلاحات نظام التقاعد، خاصة رفع سن التقاعد إلى 64 عاماً. وفي تصريح لزعيمة الاتحاد العام للعمل، صوفي بينيه، قالت: “علينا أن نكون على أهبة الاستعداد، فهكذا نجمع قواتنا لمواصلة النضال. علينا أن نجبر الحكومة وأصحاب العمل على إنهاء السياسة التي تخدم الأغنياء فقط”.
تفاصيل الإضراب
- القطاعات المشاركة: انضم إلى الإضراب العديد من العاملين في القطاعات الحيوية، بما في ذلك الصيادلة (مع إغلاق متوقع لـ98% من الصيدليات ليلة 19 سبتمبر)، وموظفو مترو باريس، والسكك الحديدية، والأطباء، والمعلمون، حيث قاطع ثلث المعلمين الدروس. كما شارك الطلاب في الاحتجاجات أمام الجامعات، حيث أغلقوا المداخل ورددوا شعارات مناهضة للحكومة.
- اضطرابات النقل: شهدت باريس توقفاً شبه كامل لخطوط المترو وبعض خطوط الحافلات والترامواي، حيث وصفت شركة النقل العام (RATP) اليوم بـ”الخميس الأسود”. كما تأثرت رحلات الطيران الداخلية والدولية لشركة إير فرانس، مما تسبب في إلغاءات وتأخيرات.
- التدخل الأمني: نشرت السلطات الفرنسية 80 ألف شرطي ودركي، مدعومين بمركبات مدرعة وطائرات مسيرة، لتأمين التظاهرات. وفي مدينتي ليون ونانت، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع للسيطرة على التوترات التي وصلت إلى “نقطة الغليان”، مع تسجيل أعمال تخريب محدودة، مثل إحراق صناديق القمامة. وبحلول منتصف النهار، تم اعتقال أكثر من 110 أشخاص في أنحاء البلاد.
سياق الأزمة
تأتي هذه الاحتجاجات في ظل أزمة سياسية واقتصادية حادة تعيشها فرنسا، حيث أدت خطة التقشف إلى إسقاط حكومة فرانسوا بايرو في 8 سبتمبر بعد تصويت البرلمان بحجب الثقة. وعُين سيباستيان لوكورنو رئيساً جديداً للوزراء، لكنه يواجه تحديات كبيرة في تشكيل حكومة جديدة وسط مطالب برلمانية متناقضة واستمرار الغضب الشعبي. وتتزامن هذه الإضرابات مع حراك “لنغلق كل شيء” الذي بدأ عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مايو 2025، واكتسب زخماً كبيراً، مع دعم من أحزاب يسارية ونقابات عمالية.
تداعيات محتملة
يُنظر إلى هذه الإضرابات كجزء من صراع أوسع بين النقابات والسلطات، وصفه البعض بـ”ليّ الذراع”، حيث تسعى النقابات للضغط على الحكومة الجديدة برئاسة لوكورنو للتراجع عن سياسات التقشف. ومع استمرار التوترات، يتوقع المراقبون تصعيداً محتملاً في الأسابيع المقبلة، خاصة مع دعوات النقابات لتنظيم مظاهرات إضافية، بما في ذلك احتجاج نقابة المزارعين المقرر في 25 سبتمبر ضد اتفاقيات التجارة الحرة مع “ميركوسور” والرسوم الأمريكية.